مجالس الفقه " 8 " الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين . وبعد : فإن المسلم والمسلمة مطالبان شرعا بتعلم ما تصلح وتستقيم به عبادتهما . فإذا أرادا الصلاة وجب عليهما وجوبا تعلم شروطها و أركانها وواجباتها ومبطلاتها ، فهذه أربعة ، ويستحب لهما تعلم سننها ومكروهاتها ، فالمجموع ستة أشياء ، أربعة واجبة ، واثنان مستحبان . ويجب عليهما وجوبا أن يتعلما من مسائل الطهارة ، ما يحتاجانه ؛ لأن الطهارة شرط للصلاة ، والشرط مُقدم على المشروط ، فلا يصليان حتى يتطهرا . وفي كتاب الطهارة ، باب اسمه ( باب الحيض ) ينبغي على المرأة المسلمة أن تتعلمه ؛ لأنه ينبني عليه فعل عبادات ، وترك عبادات ، وقضاء عبادة ، وعدم قضاء أخرى، ومسائل متفرقة . وفي باب الحيض ، مسائل دقيقة ؛ ربما يستحي البعض من طرحها ؛ أو مناقشتها والسؤال عنها . لكن لابد من طرحها ، لأنها من أمور الشريعة المهمة . والعلماء يقولون : لا حياء في العلم ، ويخطئ من يقول : ( لا حياء في الدين ، بل الحياء من الإيمان ) . ويقول العلماء أيضا : لا ينال العلم مستحٍ ولا مستكبر . بناء عليه فسأذكر ما ورد من مسائل في باب الحيض على مراحل ، نظرا لطول الباب . هذا ، والله الموفق . ( الْحَيْض ) لُغَةً : السَّيَلَانُ . شَرْعًا : ( دَمُ طَبِيعَةٍ وَجِبِلَّةٍ ) أَيْ : سَجِيَّةً وَخِلْقَةً . جَبَلَ اللَّهُ بَنَاتِ آدَمَ عَلَيْهَا ( تُرْخِيهِ الرَّحِمُ ) ( يَعْتَادُ ) ذَلِكَ الدَّمُ ( أُنْثَى إذَا بَلَغَتْ ، فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ ) فِي الْغَالِبِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ سِتَّةَ أَيَّامٍ ، أَوْ سَبْعَةً ، إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا وَلَا مُرْضِعًا . ( وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ ) اثْنَيْ عَشَرَ شَيْئًا : 1 - ( الْغُسْلَ لَهُ ، فَلَا ) يَصِحُّ لِقِيَامِ مُوجِبِهِ . ( وَلَا ) يَمْنَعُ الْغُسْلَ ( لِجَنَابَةٍ ) أَوْ نَحْوِ إحْرَامٍ ( بَلْ يُسَنُّ ) الْغُسْلُ لِذَلِكَ ، تَخْفِيفًا لِلْحَدَثِ . 2 - وَيَمْنَعُ ( الْوُضُوءَ ) فَلَا يَصِحُّ لِمَا تَقَدَّمَ 3 - وَ يَمْنَعُ ( وُجُوبَ الصَّلَاةِ ) إجْمَاعًا فَلَا تَقْضِيهَا إجْمَاعًا . 4 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا ( فِعْلَهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَوْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ لِمُسْتَمِعَةٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهَا . 5 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا ( فِعْلَ طَوَافٍ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ } . وَيَسْقُطُ عَنْهَا وُجُوبُ طَوَافٍ لِلْوَدَاعِ . 6 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا فِعْلَ ( صَوْمٍ ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَلَيْسَتْ إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَمْ تَصُمْ وَلَمْ تُصَلِّ ؟ قُلْنَ : بَلَى } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَ ( لَا ) يَمْنَعُ الْحَيْضُ ( وُجُوبَهُ ) أَيْ الصَّوْمِ ، فَتَقْضِيهِ إجْمَاعًا . لِحَدِيثِ مُعَاذَةَ قَالَتْ " سَأَلْت عَائِشَةَ ، فَقُلْت : { مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ ؟ فَقَالَتْ : أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ ؟ فَقُلْت : لَسْت بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ . فَقَالَتْ : كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . 7 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا ( مَسَّ مُصْحَفٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) 8 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا ( قِرَاءَةَ قُرْآنٍ ) مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ . 9 - وَيَمْنَعُ أَيْضًا ( اللُّبْثَ بِمَسْجِدٍ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا لِجُنُبٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، ( وَلَوْ ) كَانَ ( اللُّبْثُ ) بِوُضُوءٍ ، مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ . فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا ، وَ ( لَا ) يَمْنَعُ الْحَيْضُ ( الْمُرُورَ ) بِالْمَسْجِدِ ( إنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ نَصًّا ) فَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُ مُنِعَتْ . 10 - وَ يَمْنَعُ الْحَيْضُ أَيْضًا ( وَطْئًا فِي فَرْجٍ )، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } الْآيَةَ . 11 - وَ يَمْنَعُ الْحَيْضُ أَيْضًا ( سُنَّةَ طَلَاقٍ ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ . ( مَا لَمْ تَسْأَلْهُ ) أَيْ الْحَائِضُ الزَّوْجَ ( خُلْعًا أَوْ طَلَاقًا عَلَى عِوَضٍ ) فَيُبَاحُ لَهُ إجَابَتُهَا . 12 - وَ يَمْنَعُ أَيْضًا ( اعْتِدَادًا بِأَشْهُرٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } فَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ بِالْقُرُوءِ ، وَلِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ } الْآيَةَ ، ( إلَّا ) الِاعْتِدَادُ ( لِوَفَاةٍ ) فَبِالْأَشْهُرِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا ، وَلَوْ أَنَّهَا تَحِيضُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } ( وَيُوجِبُ ) الْحَيْضُ خمسة أَشْيَاءَ : 1 - ( الْغُسْلَ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . 2 - وَ يُوجِبُ ( الْبُلُوغَ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ، فَأَوْجَبَ أَنْ تَسْتَتِرَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ حَصَلَ بِهِ . 3 - وَ يُوجِبُ ( الِاعْتِدَادَ بِهِ إلَّا لِوَفَاةٍ ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ . 4- وَ يَجِبُ ( الْحُكْمُ بِبَرَاءَةِ رَحِمٍ فِي اعْتِدَادٍ ) بِهِ . 5 - وَالْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِيهِ . ( وَنِفَاسٌ مِثْلُهُ ) أَيْ مِثْلُ الْحَيْضِ فِيمَا يَمْنَعُهُ وَيُوجِبُهُ ( إلَّا ) فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءٍ : 1 - ( اعْتِدَادٍ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرُوءٍ ، فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْآيَةُ 2 - وَكَوْنُهُ، أَيْ النِّفَاسِ ( لَا يُوجِبُ بُلُوغًا ) . 3 - وَ كَوْنُهُ ( لَا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي مُدَّةِ إيلَاءٍ ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الَّتِي تُضْرَبُ لِلْمَوْلَى لِطُولِ مُدَّتِهِ ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ . ( وَلَا يُبَاحُ قَبْلَ غُسْلٍ بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ غَيْرَ صَوْمٍ ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ فِعْلَهُ كَالْجَنَابَةِ ( وَ ) غَيْرَ ( طَلَاقٍ ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ . وَيُبَاحُ أَيْضًا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ : لُبْثٌ بِمَسْجِدٍ بِوُضُوءٍ . ( وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ ) زَوْجٌ وَسَيِّدٌ ( مِنْ حَائِضٍ بِدُونِ فَرْجٍ ) . لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } أَيْ اعْتَزِلُوا نِكَاحَ فُرُوجِهِنَّ . وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي لَفْظٍ " إلَّا الْجِمَاعَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ . ( فَإِنْ أَوْلَجَ ) فِي فَرْجِ حَائِضٍ ( قَبْلَ انْقِطَاعِهِ ) أَيْ الْحَيْضِ ( وَلَوْ بِحَائِلٍ ) لَفَّهُ عَلَى ذَكَرِهِ ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمُولِجِ ( كَفَّارَةُ دِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى التَّخْيِيرِ ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ : يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ . وَتَخْيِيرُهُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَنِصْفِهِ ، كَتَخْيِيرِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ . وَالدِّينَارُ هُنَا : الْمِثْقَالُ مِنْ الذَّهَبِ مَضْرُوبًا أَوْ لَا . وَيُجْزِي قِيمَتُهُ مِنْ الْفِضَّةِ فَقَطْ ، سَوَاءٌ وَطِئَ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ أَوْ آخِرِهِ ، سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ ، ( وَلَوْ ) كَانَ الْوَاطِئُ ( مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا ) الْحَيْضَ ( أَوْ جَاهِلًا الْحَيْضَ وَالتَّحْرِيمَ ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ ، ( وَكَذَا هِيَ ) أَيْ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الْكَفَّارَةِ ، قِيَاسًا عَلَيْهِ ( إنْ طَاوَعَتْهُ ) عَلَى الْوَطْءِ . فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا . ( وَتُجْزِئُ ) الْكَفَّارَةُ إنْ دَفَعَهَا ( إلَى ) مِسْكِينٍ ( وَاحِدٍ ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ ( كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ ) أَيْ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِشَيْءٍ ، وَأَطْلَقَ . جَازَ دَفْعُهُ لِوَاحِدٍ . ( وَتَسْقُطُ ) الْكَفَّارَةُ ( بِعَجْزٍ ) عَنْهَا كَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ، وَإِنْ كَرَّرَ الْوَطْءَ فِي حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ فَكَالصَّوْمِ . وَبَدَنُ الْحَائِضِ طَاهِرٌ ، وَلَا يُكْرَهُ عَجْنُهَا وَنَحْوُهُ ، وَلَا وَضْعُ يَدِهَا فِي مَائِعٍ . ( وَأَقَلُّ سِنِّ حَيْضٍ ) أَيْ مِنْ امْرَأَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ ( تَمَامُ تِسْعِ سِنِينَ ) تَحْدِيدًا . رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ { إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ } وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وَالْمُرَادُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرْأَةِ . فَمَتَى رَأَتْ دَمًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا حُكِمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَبِبُلُوغِهَا وَإِنْ رَأَتْهُ قَبْلَ هَذَا السِّنِّ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا . ( وَأَكْثَرُهُ ) أَيْ أَكْثَرُ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ ( خَمْسُونَ سَنَةً ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ " إذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةُ خَمْسِينَ سَنَةً خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْحَيْضِ " وَعَنْهَا أَيْضًا " لَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا بَعْدَ الْخَمْسِينَ " ( وَالْحَامِلُ لَا تَحِيضُ ) نَصًّا . لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ { لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد . فَجَعَلَ الْحَيْضَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمَّا طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ :{ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا } فَجَعَلَ الْحَمْلَ عَلَمًا عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ ، كَالطُّهْرِ . فَإِذَا رَأَتْ دَمًا فَهُوَ دَمُ فَسَادٍ ، فَلَا تُتْرَكُ لَهُ الصَّلَاةُ وَلَا يُمْنَعُ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَغْتَسِلَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ نَصًّا . ( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ أَقَلُّ زَمَنٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَمُهُ حَيْضًا ( يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ) بِلَيَالِيِهَا . لِقَوْلِ عَلِيٍّ " مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ اسْتِحَاضَةٌ ، وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ " ( وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ ) ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَمْنَةَ : { تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتٍ } . وَ أَقَلُّ الطُّهْرِ ( زَمَنُ حَيْضٍ ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ ( خُلُوصُ النَّقَاءِ ، بِأَنْ لَا تَتَغَيَّرَ مَعَهُ قُطْنَةٌ احْتَشَتْ بِهَا ) طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ . ( وَلَا يُكْرَهُ وَطْؤُهَا ) أَيْ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي أَثْنَاءِ عَادَتِهَا وَاغْتَسَلَتْ ( زَمَنَهُ ) أَيْ زَمَنَ طُهْرِهَا فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا . لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْحَيْضَ بِكَوْنِهِ أَذًى ، فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ وَاغْتَسَلَتْ فَقَدْ زَالَ الْأَذَى .
نتوقف هنا ، وسنكمل إن شاء الله تعالى . والدرس القادم عن المبتدأة . وهي الجارية التي لم يسبق لها الحيض . اللهم ارزقنا علما نافعا ، وعملا صالحا . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد و آله وصحبه . والحمد لله رب العالمين .
إحالة : للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - رسالة جميلة ، عنوانها : ( الدماء الطبيعية للنساء ) يا ليت الأخوات يقتنينها . الكاتب / متأمل | | | | | | | | | | | |
Hotmail: بريد إلكتروني موثوق فيه ويتمتع بحماية قوية من البريد العشوائي.
اشترك الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التعليقات